المهندس النسر المرحوم مازن الطائي

المهندس   النسر المرحوم مازن الطائي
المهندس المرحوم مازن الطائي

سأعيش رغم الداء والأعداء كالنسر فوق القمة الشماء

أرنو ألى الشمس هازئا في السحب والأمطار والأنواء

لا ألمح الظل الكئيب ولا أرى ما في قرار الهوة السوداء

الأحد، 6 نوفمبر 2011

عن الصحافة العمانية للأستاذ أحمد الفلاحي

عن الصحافة العمانية للأستاذ أحمد الفلاحي

Alwatan


مقال جميل للأستاذ الأديب أحمد الفلاحي يتحدث فيه عن الصحافة العمانية (أشرعة - جريدة الوطن - 17-2-2009)



عن الصحافة العمانية

عام 1971م ظهرت "الوطن" وقد استقبلها الجمهور العماني بحماس شديد وتفاعل قوي باعتبارها أول صحيفة عمانية لامست الصحافة العمانية منذ ظهورها في بدايات السبعينات للكثير من القضايا المجتمعية التي تهم الناس

قبل عام 1970م لم تكن هناك صحافة في عمان كما نعلم جميعا . لقد عرف العمانيون الصحافة في المهجر الإفريقي الذي ذهبوا إليه حيث كانت أقدم صحيفة عمانية عرفنا عنها حتى الآن هي صحيفة "النجاح" التي أصدرها في زنجبار الشيخ أبو مسلم الرواحي الشاعر الكبير عام 1910م وجاءت بعدها صحف أخرى أنشأها العمانيون هناك أشهرها "الفلق" التي صدرت عام 1929م وواصلت الصدور حتى عام 1963م وقد تابع العمانيون المقيمون في زنجبار وإخوانهم في عمان ممن لم يغادروا الوطن تلك الصحف وقرأوها وراسلوها كما قرأوا كذلك الصحافة التي كان يصدرها بعض أعلام الإباضية في مصر وشمال إفريقيا كمثل جريدة "الأسد الإسلامي" التي أصدرها في القاهرة الزعيم الليبي الشيخ سليمان الباروني حين كان مقيما في مصر وقد صدر عددها الأول عام 1908م وصحيفة "المنهاج" التي أنشأها الشيخ أبو إسحاق إبراهيم إطفيش الجزائري في القاهرة عام 1925م وصحف الشيخ أبو اليقظان الميزابي الجزائري التي كانت تصدر في الجزائر وتواصل صدورها من 1926م وحتى 1938م وهي سبع صحف كلما عطل الإستعمار الفرنسي واحدة بادر الشيخ بإصدار أختها . وهذه الصحف هي على التوالي "وادي ميزاب" "ميزاب" "المغرب" "النور" "البستان" "النبراس" "الأمة" "الفرقان" وقد احتوت هذه الصحف على الكثير من أخبار عمان وأحداثها خلال تلك الفترة بما في ذلك أخبار دبي وأبو ظبي والشارقة وسائر مناطق ما كان يسمى ـ ساحل عمان ـ وكان هناك في عمان من يتابع صحيفة "الكويت" التي أصدرها الشيخ عبدالعزيز الرشيد في الكويت عام 1927م ووجدت مجلدات من أعدادها في مكتبات بعض المشايخ وقد قامت هذه الصحيفة بنشر نونية الشيخ أبي مسلم الشهيرة على حلقات في عدة أعداد وذلك لطول القصيدة وذكر أن الشيخ مبارك العقيلي العالم الإحسائي الذي كان يقيم في دبي في تلك الفترة هو الذي زود الشيخ الرشيد بهذه القصيدة فور وصولها إليه من عمان بحكم صلته بالمشايخ والعلماء العمانيين . وعلمت أن نفرا من القضاة والمهتمين كانت تصل إليهم مجلة "المنار" المصرية التي كان يصدرها في القاهرة السيد محمد رشيد رضا تلميذ الإمام محمد عبده ومساعده الأكبر. كما كان البعض على صلة بشيء من الصحافة التي تصدرها جمعيات إسلامية في الهند . ثم بعد ذلك كان الإهتمام لدى المثقفين والشعراء بالمجلات التي صدرت في وقت لاحق كمثل مجلة "العربي" الكويتية وغيرها . ووجدنا من الوثائق ما يشير إلى أن الشيخ أبو مسلم كتب مقالة في جريدة "الإهرام" المصرية عام 1914م كما وجدنا في أعداد مجلة "الهلال" الأول مقالات بأقلام عمانية كان أحدها قلم الشيخ سليمان اللمكي وأظن أن أحد تلك المقالات كان في 1907م في العدد الخامس أو العدد السابع من مجلة الهلال .
ولعل من المبالغة القول أن الكثير من العمانيين كانوا يتابعون الصحافة أو يقرأونها يومئذ وإنما هناك قلة يجوز أن نسميهم النخبة المتفاعلة ـ إلى حد ما ـ مع الحضارة الحديثة أغلبهم من المقيمين في مسقط وقليل من أهل المدن الأخرى الذين سافروا إلى زنجبار أو إلى غيرها أو من تأثروا بهم وبعض هؤلاء من القضاة ومن الأدباء والشعراء ولكن أكثرية المشايخ الكبار والعلماء في الداخل لم يكونوا يهتمون بالصحافة بل لعلهم لا ينصحون طلبتهم بقراءتها والإهتمام بها لأنهم يرون قراءتها مضيعة للوقت وشاغلا عن طلب العلم النافع ..
وفي 28 يناير عام 1971م ظهرت جريدة "الوطن" وقد أصدرها نصر الطائي فور عودته من الخارج بتشجيع ودعم من أخيه الأديب المعروف عبدالله الطائي وتحت إرشاده وتوجيهه وكان الأستاذ عبدالله الطائي وقتها وزيرا للإعلام وكانت تطبع في بيروت ثم في الكويت بعد ذلك قبل أن تتوفر المطابع في عمان وكانت تصدر مرة في الأسبوع . وقد استقبلها الجمهور العماني بحماس شديد وتفاعل قوي باعتبارها أول صحيفة عمانية تصدر في عمان وكانت تنشر كل ما يصلها من الناس مصورا بخطوط أيديهم وتنشر القصائد والموضوعات المختلفة وكانت لديها مساحة لا بأس بها من الحرية مكنتها من معالجة كثير من القضايا المهمة ودخلت في صراعات وسجالات مع بعض كبار التجار والأثرياء الذين اتهمتهم بالجشع والطمع والإحتيال ومحاولة السيطرة على أقوات الناس ومصالحهم (وليس بالضرورة أن ذلك كان صحيحا ولكني أصف الحال الذي كان) وكذلك قامت "الوطن" بملاحقة ما اعتبرته تصرفات خاطئة من بعض كبار مسؤولي الحكومة في تلك الفترة المبكرة بمن فيهم الوزراء والوكلاء وكان للجريدة افتتاحية يكتبها رئيس تحريرها تتركز في الغالب حول الشأن المحلي الداخلي والظروف القائمة يومئذ وتصويب بعض القرارات الحكومية أو انتقاد بعض المسؤولين . بالإضافة إلى حرب ظفار وحالة الإعمار والبناء التي كان البلد يندفع إليها في تلك الفترة وكذلك تناول القضايا العربية المركزية وخاصة القضية الفلسطينية . وبعد "الوطن" أنشئت جريدة "عمان" كجريدة حكومية صدرت أسبوعية في أول الأمر ثم تحولت إلى نصف أسبوعية ثم إلى يومية وهي نفس الخطوات التي اتبعتها "الوطن" من قبل أسبوعية فنصف أسبوعية ثم يومية . وقد استقطبت عمان كذلك الكتاب العمانيين والشعراء وكانت جريدة مقبولة متناسبة مع ظروف زمانها في تلك الأيام .
وفي "عمان" وفي "الوطن" كان يكتب العديد من الإخوة من أبناء الأقطار العربية الشقيقة سواء من الصحفيين المحترفين العاملين في الجريدتين أو من المدرسين أو العاملين في القطاعات الأخرى وخاصة من ذوي الميول الأدبية والثقافية .. وفي أكتوبر 72 صدرت مجلة "العقيدة" مجلة أسبوعية صدرت أول ما صدرت نصف شهرية لمدة قصيرة ثم صارت أسبوعية أصدرها الأستاذ سعيد السمحان الكثيري . ثم صدرت "النهضة" وصاحبها الأستاذ طالب بن سعيد المعولي وصدر عددها الأول على التحري في نوفمبر 73 حيث إن ذلك العدد لا يحمل تاريخا وكذلك العدد الثاني لم يؤرخ أبدا لا بالسنة ولا بالشهر ولا اليوم وأرخ العدد الثالث باليوم والشهر ولم تذكر السنة وتحرينا أنه صدر في ديسمبر 73 لأنه كان عددا خاصا عن مؤتمر القمة العربي السادس الذي عقد في الجزائر في ديسمبر 73 وكان رئيس تحرير المجلة ضمن الوفد الإعلامي العماني الذي ذهب لتغطية المؤتمر .. ومن المجلات التي صدرت باكرا مجلة "تجارة عمان" والتي صدر عددها الأول في 1/5/71 ويبدو أنها لم تستمر .. وصدرت مجلة "الأسرة" في يوليو 1974 كمجلة أسبوعية ظلت تصدر نصف شهرية لفترة من الوقت حتى انتظم صدورها الأسبوعي بعد ذلك وصاحب هذه المجلة هو الأستاذ صادق عبدواني وهو أديب وكاتب يكتب القصة وكان يعمل دبلوماسيا بوزارة الخارجية قبل أن يستقيل ويتفرغ لأعماله التجارية ولمجلته .. وصدرت الأضواء في سنة 74 فيما يبدو حيث إن عددها الأول لم يحمل تاريخا يشير إلى صدوره .. ثم صدرت مجلة "السراج" 1976م كمجلة ثقافية أدبية متخصصة تصدر شهريا وتوقفت بعد سبعة أو ثمانية أعداد بسبب سفر صاحبها الأستاذ سالم الغيلاني إلى الخارج ليعمل سفيرا لعمان هناك واستؤنف صدورها بعد سنوات عند عودة صاحبها إلى الوطن وهو كاتب وباحث نشيط وله دور في تحقيق وإصدار بعض دواوين شعر العامية وله دراسات حولها إضافة إلى دراساته الأدبية الأخرى وهو تربوي سابق تدرج في الوظائف التربوية إلى أن صار وكيلا لوزارة التربية والتعليم قبل إنتقاله إلى وزارة الخارجية ليصبح سفيرا للسلطنة في عدد من الدول العربية والأجنبية .. وفي بدايات 1976م تقريبا صدرت مجلة دينية شهرية حرية بالذكر اسمها "الوحي" أصدرتها وزارة العدل والشؤون الإسلامية كان يرأس تحريرها الكاتب والشاعر الشيخ خلفان بن محمد الرواحي وكانت مجلة جيدة ويكتب فيها علماء وكتاب من مصر من الأزهر ومن غير الأزهر ومن بلاد عربية أخرى كالأردن والجزائر بالإضافة إلى أقلام العلماء والأدباء العمانيين كالشيخ أحمد الخليلي والشيخ عبدالله الخليلي وغيرهم .. ومجلة شهرية أخرى تصدر عن وزارة الزراعة لعل اسمها "الموارد" حيث لم أعد أتذكر اسمها بالدقة ولم يحضرني شيء من أعدادها لحظة كتابة هذه الأسطر وهي مجلة متخصصة معنية بالبحوث المتعلقة بالأفلاج والنخيل والأشجار والبيئة العمانية ولا تخلو أحيانا من لمسات أدبية على ما أذكر ..
ومن المجلات الشهرية التي ينبغي لي أن أذكرها هنا أيضا مجلة "الغدير" والتي أتشرف بأنني كنت أحد مؤسسيها ومحرريها ومدير تحريرها المسؤول وكانت مجلة خفيفة صغيرة الحجم ولكنها قامت بدور مهم في تلك الفترة واستمرت في الصدور من عام 77 وحتى عام 84 وكانت متنوعة الموضوعات بين التحقيقات المتنوعة والإستطلاعات الصحفية للمدن والمعالم العمانية واللقاءات مع الشخصيات المختلفة من المسؤولين ومن العلماء والأدباء بالإضافة إلى الشعر والمقالات الأدبية وسير الشخصيات والمقالات ذات الطابع الفكري والثقافي في الغالب. والعديد من أدبائنا الشباب الذين يشار إليهم بالبنان الآن هم من كتاب "الغدير" الذين بدأوا أول ما بدأوا على صفحاتها ..
وقد لامست الصحافة العمانية منذ ظهورها في بدايات السبعينات الكثير من القضايا المجتمعية التي تهم الناس واشتغلت على أمور متنوعة سياسية واقتصادية وثقافية وتربوية واجتماعية يصعب الإحاطة بها كلها في إلمامة سريعة كهذه ولا توجد تحت يدي الآن المصادر الكافية لكشف الموضوع بصورة أشمل والمصادر في هذا المقام هي الصحافة ذاتها وأعدادها القديمة حيث لم يتيسر لي العودة إلى تلك الأعداد من جريدة "الوطن" أو جريدة "عمان" أو المجلات الأخرى التي تمت الإشارة إليها إلا بقدر محدود فيما يتعلق ببعض المجلات وبعض أعدادها الأول ..
ومن القضايا التي أثارتها الصحافة المحلية الحملة التي شنتها "الوطن" ضد أحد التجار و الردود التي ناقشت الموضوع بين أخذ ورد . وكذلك ما كانت تطرحه "الوطن" من نقد يطول الممارسات الخاطئة لبعض المسؤولين وبعض المؤسسات . ومنها ما دار على صفحات جريدة "عمان" من مساجلات ومحاورات حول قضايا تاريخية وأدبية وشاركت فيها عدة أقلام من المهتمين . ومن بين هذه المواضيع الجدل الذي نشب بين الأستاذ محمود الخصيبي الشاعر المعروف وناقده الكاتب الشاب آنذاك عبدالله الريامي الذي تناول المجموعة القصصية التي أصدرها الأستاذ الخصيبي وجعل عنوانها "قلب للبيع" وقد اعتبر الكاتب ناقده متحاملا وغير منصف فرد عليه ردا فيه شيء من القسوة فكان هناك رد على الرد وقد تدخلت في هذه المناقشة بمقالة طويلة أثارت حنق الأستاذ الخصيبي رحمه الله وكان صديقا عزيزا فكتب يرد علي معتبرا مقالتي منحازة للريامي وغير محايدة. ومن ذلك أيضا ما أثاره الأستاذ محمد عمايره من نقد في جريدة عمان التي كان يعمل بها لديوان "من نافذة الحياة" للشيخ عبدالله الخليلي في أواسط السبعينات وقد أسخط ذلك النقد الشيخ الخليلي ورآه متجنيا واصفا إياه بأنه وطأة قدم وليس وجهة نظر مما حفز الأستاذ الشاعر هلال السيابي لكتابة مقالة أرادها وسطا بين الناقد والمنقود . كذلك نشرت جريدة "عمان" سلسلة مقالات استمرت لفترة حول الكتابة الحديثة والكتابة التقليدية وكنت أحد المشاركين في هذه المساجلات التي شارك فيها على ما أتذكر عبدالله الريامي ومحمد الحارثي وآخرون من الكتاب . ثم تلا ذلك حملة حول المرأة وحقوقها بدأت بمقالة من الشاعر محمد الحارثي الذي كان في بداياته الأولى يومها ثم اشتبك معه بعض الكتاب بين معارض له ومؤيد وكنت واحدا من مؤيديه في مقالة مطولة . ومن القضايا الأدبية التي اثارتها صحافتنا في تلك الفترة الاستفتاء الذي طرحه الأستاذ محمد جبريل الروائي والقصاص المعروف حول الأدب الحديث والقديم والأصالة والمعاصرة وكان الأستاذ جبريل يعمل وقتها مدير تحرير جريدة "الوطن" وقد استمر ذلك الجدل لأكثر من عشر حلقات وشارك فيه كتاب من مصر وبلاد الشام والمغرب العربي والخليج واليمن ومن عمان بالطبع وكنت أحد العمانيين الذين شاركوا فيه . كذلك جرت في مجلة "العقيدة" مشادة حول الأدب الحديث والقديم واستمرت لعدة حلقات بين الأستاذ أحمد تسن وهو أديب مصري يعمل مدرسا في السلطنة ودبلوماسي كويتي من السفارة الكويتية بمسقط اسمه خزيم علي خزيم يبدو أنه من المهتمين بالأدب ومن المناصرين لأسلوب الحداثة في الكتابة . ثم فتح الأخ مبارك العامري الشاعر والكاتب الذي كان في ريعان شبابه متدفقا بالحماس حين كان يشرف على القسم الثقافي في "العقيدة" فتح حملة حول الأدب العماني وكيفية ترقيته وإبرازه وإظهاره وتحديثه وتواصلت المقالات في هذا الموضوع لعدة شهور تتوالى أسبوعيا وشارك فيها معظم الكتاب العمانيين وكنت أحدهم وكان كل واحد يطرح آراءه ومقترحاته وتصوراته في وجهات نظر متعارضة ومتقاربة أو متوسطة بين بين . ومن القضايا التي أشعلت الحوار ما نشرته مجلة "الأسرة" عن مراسلها في القاهرة الذي قرأ ولخص رسالة للدكتوراه قال أنها كانت في مجلدين ضخمين أخذتها إحدى الباحثات من جامعة الأزهر وتوصلت فيها إلى أن الإسلام قد أباح الإستماع إلى الموسيقى وقد أثار هذا الموضوع هنا في عمان جدلا صاخبا وانبرى أكثرهم للتعليق على تلك الباحثة واستهجان آرائها والنتائج التي توصلت إليها وقد حاول بعضهم الرد ومناقشة الأمر بموضوعية ولكن معظم الردود كانت غاضبة وقد جرى الحوار على صفحات "الأسرة" وصفحات "الوحي" التي امتلأت صفحاتها بالمقالات المضادة في حين حاولت "الأسرة" أن تعطي الفرصة لوجهتي النظر وإن كان الصوت الأعلى كان للرافضين وشارك في هذا الجدل الذي استمر أيضا لفترة أغلبية العلماء العمانيين وتلامذتهم والشيخ جابر مدخلي وهو عالم سعودي كان يعمل في مركز تابع للسفارة السعودية في مسقط كما شارك بعض الكتاب المصريين والعمانيين الذين يتفقون مع آراء الباحثة .. ثم جرت مناقشة حادة أيضا تبنتها مجلة "الوحي" في المقام الأول وشاركت فيها بعض الأقلام في مجلة "الأسرة" وكان سببها مؤتمر المرأة الذي نظمته وزارة الشؤون الإجتماعية والذي اعترض عليه المشايخ والعلماء وجرت أقلامهم وأقلام تلامذتهم لمهاجمته بقسوة وحدة وأصدرت "الوحي" عددا خاصا عن الموضوع تركز معظمه في النقد العنيف للقائمات على المؤتمر والمشاركات فيه ويبدو أن الأمر تم احتواءه بلقاء مطول عقد بين المؤتمرات والشيخ أحمد الخليلي وقد تحدث الشيخ في هذا اللقاء ناصحا ومرشدا وأجاب على بعض التساؤلات .. ومن القضايا التي شغلت الصحافة كذلك فيما بعد الملف الذي فتحته "الوطن" للثقافة العمانية وكيفية تطويرها والمعوقات التي تعترضها والسبل المفترضة لرقيها وقد استمر ذلك الملف لأكثر من عشرة أعداد كتب فيه معظم الكتاب والمثقفين العمانيين من المهتمين بالشأن الثقافي وكنت ممن ساهم في هذا الملف بمقال طويل بينت فيه المعوقات والحلول من وجهة نظري وقد خالفني الرأي فيما طرحته وشكوت منه وناديت به الأستاذ عبدالله بن صخر العامري رحمه الله الذي رد على مقالتي بمقالة نشرت في ذلك الملف . كذلك أثارت "الغدير" العديد من الأمور التي كانت مثار جدل وأخذ ورد وتحاور فيها مجموعة من المهتمين ولعل من أبرز تلك الأمور كانت قصيدة الشيخ عبدالله الخليلي في الأمسية الشعرية التي نظمتها مجلة "الغدير" وشارك فيها أغلب الشعراء العمانيين وافتتحها الشيخ الخليلي بقصيدته الشهيرة "الإستقالة" وفيها أعلن استقالته من الشعر وقد أثارت تلك القصيدة ـ الاستقالة ـ ردود فعل واسعة وكتب العديد من الشعراء قصائد يطالبون فيها الشيخ بالرجوع عن استقالته الشعرية وكان من الشعراء الذين ناشدوا الشيخ بقصائدهم هلال السيابي وأبو سرور والصقلاوي ومحمد الحارثي وعلي بن شنين بالإضافة إلى عدد من كتاب المقالات وقد صدرت كل تلك الكتابات في ملف خاص أصدرته الغدير لهذا الغرض. ومن هذه القضايا كذلك الموضوع الذي فتحته "الوطن" في ملحقها الثقافي في وقت لاحق حول النقد في عمان واستمر لأكثر من خمس حلقات وشاركت فيه بمقال طويل ضمن مقالات عدد من الأدباء والكتاب الذين كتبوا مقالات سجلوا فيها آراءهم حول الموضوع .
وقد أثارت الصحافة على مدى سنواتها التي مرت منذ عام 1971م وحتى اليوم العديد من القضايا كمثل غلاء المهور والطلاق وكمثل العلاقة التي ينبغي أن تكون بين أمتنا العربية والأمم الأخرى وكذلك عن علاقتنا بالحضارة الحديثة وبالعالم من حولنا كيف نأخذ منه وكيف نحتفظ بهويتنا . وقضايا الشباب ودوره في المجتمع . وعن الإقتصاد العماني وكيفية النهوض به ليسهم في حركة التقدم والتنمية ودور القطاع الخاص والتجار في دعم جهود الدولة وخططها التنموية . وعن الزراعة في عمان وأهميتها ومحصولها وضرورة دعمها . وعن الأندية وأثرها في المجتمع والدور المفترض منها والجانب الثقافي المهمل فيها . وعن التاريخ العماني وإعادة تدوينه وكتابته . وعن إعطاء الفرصة للمتعلمين والمتخصصين من الشباب . ومن القضايا التي تثيرها الصحافة بين الحين والآخر متابعتها للظواهر الغريبة التي ينشغل بها المجتمع أحيانا مثل البيوت المسكونة بالجن وبالسحر كموضوع البيت الذي قيل أن الحرائق كانت تتوالى فيه بدون سبب في مدينة ـ بهلى ـ وتابعته "الوطن" في تحقيق يومي استمر لعدة حلقات . وكما حصل في مطرح وبركاء وصحار قبل ذلك من حالات مشابهة نشرتها الصحف مسلسلة على عدة أيام . وكما فعلت "الشبيبة" أيضا فيما بعد حول المسحورين والمغيبين في خمس حلقات انتهت بأنها مجرد حكاية خرافية وأن الصور التي نشرت لم تعدُ أن تكون صورا لتماثيل موجودة في متحف بجبل طارق في المغرب.
ومن الموضوعات التي تابعتها الصحافة واهتمت بها حرب أكتوبر التي خاضها العرب ضد إسرائيل عام 1973م بقيادة مصر وسوريا والتي حرك انتصار العرب فيها الكتاب والشعراء وظلت الصحافة تنشر تلك القصائد والمقالات لفترة من الوقت. وكذلك القضية الفلسطينية التي اهتمت بها الصحافة العمانية وكتب عنها كتاب عمان وشعراؤها. وقضية القدس التي تمثل الهاجس الأكبر في وجدان كل عربي. وكذلك غزو إسرائيل لجنوب لبنان ثم دخولها لبيروت العاصمة اللبنانية كان مثار اهتمام الصحافة وكتابها من الشعراء والناثرين .. ومن القضايا التي عالجتها الصحافة الدراسات والبحوث حول أحداث تاريخية محددة وعن شخصيات عمانية من التاريخ من الأئمة والقادة والعلماء والأدباء وأهل التأليف . هذا ما يحضرني الآن من حديث عما أثارته الصحافة أو تحدثت عنه وانشغلت به من القضايا المختلفة الثقافية والاجتماعية وغيرها. ولعل كلمة قضايا تعتبر كبيرة على بعض مثل تلك الموضوعات . ولا شك أنه قد فاتني الكثير فحديثي لم أرجع فيه إلى المصادر والمراجع وإنما كان عفويا هكذا كما استحضرته الذاكرة مما بقي فيها وأشهد أنها ذاكرة ضعيفة. كذلك أود أن أتقدم باعتذاري عما جاء في سياق الكلام من حديث عن الذات فلم أكن أقصد تزكية نفسي أو التفاخر ببعض مقالات قليلة ومتواضعة نشرتها والحديث عن الذات ليس بمحبب لدي ولكني كنت أتحدث عن فترة عشتها وشاركت فيها على نحو ما بقي في ذاكرتي والذاكرة يرسخ فيها ما يخص الذات أكثر مما يخص الآخر وأنا ألتمس عفو القارئ الكريم كما أرجو منه غض النظر عما أكون قد وقعت فيه من الأخطاء وعدم الدقة وعما لم أذكره ونسيته من أمور وقضايا أثارتها الصحافة واهتمت بها غابت عن ذاكرتي لحظة إعداد هذه السطور التي أردت منها إفادة أبنائنا من الأجيال الشابة الصغيرة التي لم تعايش أيام السبعينات وأحوالها وكذلك إنعاش ذاكرة نظرائي من الكهول الذين كانوا في مشهد ذلك الوقت علهم يصححوا الأخطاء التي وردت عندي ويضيفوا المزيد من المعلومات التي جهلتها أو تجاوزتها عن سهو ونسيان. ولعلي انتهزها فرصة لتوجيه نداء واقتراح إلى أصحاب الجرائد اليومية والمجلات الدورية من أسبوعية وشهرية ونصف شهرية لتصويرها وتجليدها وطرحها للبيع في معرض الكتاب ـ كما فعلت جريدة "عمان" ـ وكما تفعل كل المطبوعات متوالية الصدور في العالم ليتمكن الجمهور من اقتنائها والإطلاع على ما احتوته من أحداث وآراء ومقالات ومناقشات ولتوثيق تلك الفترة بكل ما فيها مما رصدته الصحافة وتابعته وانشغلت به. ولا شك أن ذلك سوف يمثل مصدر دخل مالي جيد لهذه المؤسسات إضافة إلى فائدة التوثيق وإتاحة هذه الصحافة للباحثين والراغبين والمتابعين من المهتمين.

أحمد الفلاحي*
* أديب عماني  



ما لم يذكره الأستاذ الفلاحي هو أن المرحوم الأستاذ نصر الطائي تعرض لمضايقات إثر النهج الذي تبنته الوطن في ذلك الوقت من قبل أجهزة السلطة و خير بين الإستمرارية في عمله الحكومي آنذاك و بين استمرارية الوطن ... فإختار "الوطن" و لكن الأجل المحتوم لم يمهله فقد توفى رحمه الله في 19-5-1971 أي بعد نحو أشهر قليلة من تأسيسه للوطن و هو في طريقه للتفاوض لشراء مطابع و تحسين إخراج الصحيفة.

كذلك لم يذكر الأستاذ الفلاحي أن العمانيين ساهموا مساهمة فعالة في إنشاء و تحرير بعض الصحف الخليجية التي صدرت في البحرين و الكويت و أبوظبي. أذكر منهم الأستاذ عبدالله الطائي (مجلة صوت البحرين و مجلة الكويت و مجلة العربي و جريدة الإتحاد) و الأستاذ أحمد سالم آل جمعة (جريدة الإتحاد) و الأستاذ أحمد الجمالي (جريدة الإتحاد و عمل في وزارة الإرشاد و الأنباء الكويتية (الإعلام) بدائرة المطبوعات و النشر. و هنالك آخرين شاركوا في الكتابة و نشر المقالات في الصحف الخليجية.  

مازن الطائي 17/2/2009

المصدر




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة