سرد الذات أم الإساءة لذوات؟
بقلم … المهندس مازن بن عبدالله الطائي
أرسل لي أحد الأعزاء مقتطفات من كتاب “سرد الذات” للشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي حاكم إمارة الشارقة إحدى إمارات ساحل عمان و التي تعرف اليوم بدولة الإمارات العربية المتحدة. الشيخ سلطان بن محمد القاسمي ذلك المهندس الزراعي الذي درس في القاهرة في فترة حكم الزعيم العربي الراحل جمال عبدالناصر استلم الحكم في تلك الإمارة العمانية العربية بعد مقتل شقيقة المرحوم الشيخ خالد بن محمد القاسمي في عام 1972 م إثر الهجوم الذي قام به حاكم الشارقة الأسبق الشاعر الوطني المعروف الشيخ صقر بن سـلطان القاسمي و الذي عزلته السلطات البريطانية في 24 يونيو عام 1965 م محاولا استرجاع حكمة … و لكن الأمور لم تسير على ما يرام حيث قتل خالد و اعتقل صقر و عاش بقية عمره في منفاه في القاهرة حتى وفاته عام 1994 … مع العلم أن الشيخ صقر و الشيخ خالد و الشيخ سلطان هم أبناء عم و بينهم مصاهرة زواج قوية.
عرف عن الشيخ الدكتور المهندس سلطان بما يميزه عن بقية الحكام العرب ولعه الشديد بتشجيع الثقافة و العلم و تأليف الكتب خصوصا تلك المعنية بالتاريخ العماني مما جعل إمارة الشارقة مقصدا للكتاب و الأدباء و يكفي أنه أسس في إمارة الشارقة جامعتين هما: جامعة الشارقة و الجامعة الأمريكية في الشارقة، و منح أبنائها فرص التعليم الجامعي بالمجان … و لكن كل هذا الحب و التعلق بالعلم و المعرفة لم ينس الشيخ الدكتور المهندس سلطان مقتل أخيه الشيخ خالد في حادثة هجوم الشيخ صقر لاستعادة حكمه ….
لن أخرج عن صلب موضوعي الرئيسي ، و لن أدخل في تاريخ القواسم و صراعاتهم على السلطة فيما بينهم، أو وقفاتهم الشامخة و تحدياتهم ضد التواجد الاستعماري البريطاني في “عمان” من حدود قطر شمالا إلى الحدود العمانية مع اليمن الشقيق في أطراف ظفار جنوبا ، و من ثم مهادنتهم لذلك الاستعمار و انقسام حكمهم في إمارتي الشارقة و رأس الخيمة أو جلفار … فهذا بحد ذاته يحتاج بحثا مستقلا … و لكن ما دفعني لكتابة هذا الموضوع ما ذكره الشيخ الدكتور المهندس سلطان في كتابه “سرد الذات” عن أستاذه للغة الإنجليزية و هو في ربيعه الثاني عشر في الصفحات 109 – 117 ، و هي تلك الصفحات التي أرسلها إليًّ ذلك العزيز الذي ذكرته في بداية الموضوع. و في الحقيقة يجب أن أعترف أني لم أطلع على الكتاب ككل سوى تلك الصفحات التي أرسلها لي العزيز ؛ و لكني سألت بعض الأخوة و الأصدقاء عن الكتاب و فحواه … و كان ردهم واحدا متفق عليه هو مدح الذات و تمجيد عبقريتها … و الذات المقصودة هنا ذات الشيخ الدكتور المهندس سلطان بن محمد القاسمي … و الإساءة إلى ذوات أشخاص آخرين تعامل معهم الشيخ الدكتور المهندس عندما كان طفلا و شابا … و حاكما. لا ضير في أن يمجد المرء نفسه و يسرد ذكرياته و انطباعاته و يكيل مدائحه لأناس، و يذم أناس ما دام ذلك في بداية الأمر فكره و اعتقاده و وفق ما يمليه عليه ضميره و مصداقيته - و خصوصا – إذا كان حاكما لإمارة من الإمارات العمانية العربية المتحدة أي حاكما عربيا فذا … و لكن يجب أن يكون ذلك وفق توثيق سردي مؤكد، و ليس مبنيا على انطباع شخصي تولد منذ النشأة و مقتبل العمر ، كما أن ذلك السرد لا يجب أن يكون متأثرا بعلاقات أسرية متصارعة يزج فيها أفراد بحكم علاقاتهم مع الطرفين من دون أن يكون لهم ذنب سوى أنهم تواجدوا و عملوا في الشارقة في تلك الفترة … و أعني هنا علاقة الشيخ الدكتور المهندس سلطان بن محمد القاسمي حاكم إمارة الشارقة الذي تولى الحكم فيها بعد مقتل أخيه الشيخ خالد بن محمد مع ابن عمه الشيخ الشاعر الوطني المعروف صقر بن سلطان القاسمي ، و الذي يكون الشيخ الدكتور المهندس سلطان خال أبناء الشيخ صقر.
بعث لي العزيز تلك الصفحات التسع (ص 109 – 117) من كتاب “سرد الذات” للشيخ الدكتور المهندس سلطان بن محمد القاسمي كملحق في رسالة إليكترونية تحت عنوان “المرحوم – بإذن الله – نصر الطائي مدرس” و معها رسالة بخط اليد من مدرس في مدرسة القاسمية إلى الأستاذ نصر الطائي عبارة عن كلمة ألقاها ذلك الأستاذ على طلبته … و قد سررت عند استلامي الرسالة لمعرفتي أن ذلك العزيز مهتما بتتبع سيرة أعلام و رموز عمان الطيبة واخلاصهم و كفاحهم في سبيل لقمة العيش أبان فترة القحط التي انتابت الوطن العماني في الثلاثة أرباع الأولى من القرن العشرين ، و تضحيتهم و مثابرتهم في سبيل وطنهم العماني الكبير الذي أصبح يطلق عليه اليوم “سلطنة عمان” و “دولة الإمارات العربية المتحدة” و أنفتهم في التعامل مع كل ما هو أجنبي غير عربي، و خصوصا إذا كان إنجليزيا.
بدأت بقراءة تلك الصفحات … و هنا يجب أن أعترف أيضا أني ذهلت في كيفية وصف الشخص – و أقصد هنا شخص نصر الطائي – و كيف لأي كان أن يصف معلمه بهذا الأسلوب الساخر ؟! … و ما هو المقصود من سرد الأحداث ؟! … كما و – حسب علمي – أن الرجل المقصود رحمه الله كان بشوشا … يثور قليلا لكنه سرعان ما يهدأ … و هو لطيف المعشر صادق النية و كريم سخي رحوم مع أحبابه واصلا لأرحامه ، تعلو وجهه ابتسامة محببة ، و هذا ما لمسته فيه رغم فارق السن بيني و بينه الذي يقدر بخمسة و عشرين عاما. ثم إحترت بعد ذلك … هل الشيخ الدكتور المهندس يذكر أستاذه نصر الطائي بالخير ، أم يعيب عليه شدته و قسوته المفرطة مع التلاميذ ، بينما يذكر بأنه هو الطالب الوحيد النجيب الذي سلم من قسوته و عقابه ، كما يشير الشيخ الدكتور المهندس أنه كان متفوقا و لبيبا و باقي الطلبة أشقياء و كسالى و و … إلخ. و إن كان توجيه الطلبة و بث القيم و العادات الحسنة و غرس حب العلم في نفوسهم يعتبره الشيخ الدكتور المهندس تجاوزا سلبيا و إساءة من قبل الأستاذ المربي و المعلم و مدعاة للتهكم و السخرية فهذا أمر لم أفهمه و لا يريد أي كان أن يدعيه. و دار في ذهني سؤال … ماذا يعني الشيخ الدكتور المهندس؟! … لم أستطع التأويل سوى نقطة واحدة فقط لا غير ، و هي تمجيد الذات و الإساءة إلى ذات و لو عن طريق ذات آخر !!! … كما أنه يبدو أن الشيخ الدكتور المهندس نسي أو تناسى أن من كتب عنهم في كتابه لهم محبيهم و تلامذتهم و أبناءهم و أحفادهم و هم تواقون لسماع و قراءة و الإطلاع على ما يكتب عنهم دون إساءة و بمصداقية و موضوعية … و أن رسائلهم و وثائقهم و ذكرياتهم لا تزال محفوظة لدى أولئك بما فيها براءة ذمة مما ذكره الشيخ الدكتور المهندس.
و قبل أن أذكر ما كتب الشيخ الدكتور المهندس عن المرحوم الشيخ الأستاذ نصر بن محمد الطائي لابد أن نعرف هذه الشخصية العمانية الرمز انصافا للشيخ الدكتور المهندس نفسه … إن كان يجهل من هو كونه عمل في إمارة الشارقة مدرسا للشيخ الدكتور المهندس و رفاقه في مدرسة القاسمية التي درست أنا فيها أيضا جزء من مراحل دراستي الإبتدائية (الصفين الثالث و الرابع حسب المنهج الكويتي القديم في منتصف الستينات) و لي ذكريات جميلة بها و زملاء دراسة لازلت أتوق للقياهم هم و من درسوا معي أيضا في ثانوية العروبة بالشارقة (الصف الأولى متوسط حسب المنهج الكويتي القديم).
هنا وجب علي ذكر هذا المثل العربي: “من علمني حرفا صرت له عبدا” و هو دليل على تقديس العرب “قديما” للعلم … كما أعتقد أن الشيخ الدكتور المهندس يقدر ذلك لما عرفنا عنه من تشجيع للعلم و المعرفة.
و أذكر كذلك بيت أمير الشعراء أحمد شوقي:
قم للمعلم وفه التبجيلا *** كاد المعلم أن يكون رسولا
و كذلك هذه الأبيات لإبراهيم طوقان ردا على شوقي:
شوقي يقول و ما درى بمصيبتي *** قم للمعلم وفه التبجيلا
أقعد فديتك هل يكون مبجلا *** من كان للنشء الصغار خليلا
لو جرب شوقي التعليم ساعة *** لقضا الحياة شقاوة و خمولا
من هو نصر الطائي الذي ذكرته في كتابك كمدرسك أيها الشيخ الدكتور المهندس ؟:
- المرحوم نصر الطائي هو الشقيق الأصغر للأديب العماني الأستاذ عبدالله بن محمد الطائي.
- ولد المرحوم نصر في مسقط عام 1932 و توفى في أبوظبي في 19 مايو 1971 عن 39 عاما و دفن بالقرب من أجداده و والده و عمه و أخويه سليمان و عبدالله في الوادي الصغير بمسقط.
-
“- هو نصر بن محمد بن صالح بن عامر بن سعيد بن عامر بن خلف بن صالح بن محمد بن صالح الطيواني البطاشي الطائي.
- من أسرة كبيرة في عمان تولت القضاء منذ ما يزيد على مائتي عام ، قدمت من مدينة حدا بوادي الطائيين و حلت في طيوي ثم هاجرت إلى نزوى فعرفت بالطيواني و منها إلى سمائل فإلى مسقط و ما تزال عائلات من هذه الأسرة تسكن هذه المدن.
- دراسته كانت من الحياة و تلقى تعليمه بالمدرسة السعيدية في مسقط و عمل مدرسا فيها فموظفا بالبنك البريطاني فموظفا بشركة تنمية نفط عمان ثم هاجر إلى الشارقة و هنالك عمل مدرسا حتى غادر الشارقة إلى البحرين و المملكة العربية السعودية يلتمس الرزق ثم قدم إلى دبي فعمل مساعدا لمدير الجمارك حتى سافر إلى أبوظبي عام 1962 و عمل مديرا لاحدى الشركات فمديرا للشؤون العامة بالديوان الأميري فمديرا للمشـتريات و الإسـكان ، و عندما بدأ العهد الجديد في مسقط في يوليو 1970 م عاد إلى بلاده يحمل الأمانة فعمل مديرا للمشتريات في وزارة المعارف و أسس جريدة “الوطن” و استقال في 15 -5 – 1971 بعد أن مورست عليه ضغوطات نتيجة ما كان يكتبه من نقد و دعوة لكسر الاحتكار ليتفرغ “للوطن” و لكن المنية أطفأت جوهره يوم 19 – 5 – 1971 رحمه الله.
- عاش ثمانية و ثلاثين عاما و خلف من الأولاد سبعة و كان في حياته مثال النزاهة و الوفاء و المروءة و العطاء والنبل والإخلاص – رحمه الله رحمة واسعة -.”
من جريدة “الوطن” العمانية العدد 18 الخميس 2 ربيع الثاني 1341 هـ الموافق 27 مايو 1971 م.
رثاه أخو عبدالله بمقال رائع تحت عنوان “يا قلب نصر” … و قال عنه في كتابه الشهير “الأدب المعاصر في الخليج العربي” عند ذكر الصحافة في الخليج: “و في سلطنة عمان عاد شاب عماني إلى مسقط رأسه بعد الإنقلاب الذي قام به السلطان قابوس فرفع الكثير من القيود عن أبناء وطنه ، عاد هذا الشاب فأصدر جريدة أسبوعية سماها “الوطن” ، هذا الشاب هو الأستاذ المرحوم نصر محمد الطائي. كانت الجريدة شعلة ساهمت في تفريق الظلام و نبهت الأفكار و دعت العمانيين إلى البناء و دعت الحكومة إلى كسر الاحتكار الاقتصادي فكثر المتآمرون عليه حتى اختاره الله إلى جواره في 19 مايو (آيار) 1971 و ما تزال وفاته غصة في قلب كل عماني حر.” (ص 26 من كتاب “الأدب المعاصر في الخليج العربي” للأستاذ عبدالله بن محمد الطائي).
نعود إلى كتاب الشيخ الدكتور المهندس و هو يتحدث عن عامي 1951 و 1952 حيث قدم لهم كطلبه مدرس جديد للغة الإنجليزية ضئيل الجسد ….:
1. في تلك الأثناء كان المرحوم الشيخ الأستاذ نصر الطائي لا يزال مقيما في مسقط و لم يكن في الشارقة كما أن المرحوم ، لم يكن ضئيل الجسد بل فارع الطول عريض المنكبين ، كذلك كان عمره يقدر بعشرين عاما أي أكبر من الشيخ الدكتور المهندس (المولود عام 1939) بنحو سبع سنوات. و قد بحثنا في رسائل و وثائق المرحوم فلم نجد ما يدل على أنه كان في الشارقة في تلك الفترة، بل كان متواجدا في إمارات ساحل عمان في نهاية الخمسينيات بدليل أن كبار أبنائه (غادة و ليث و الوضاح ( الأول رحمه الله) من مواليد مسقط أعوام 1957 و 1959 و 1961).
2. يقول الشيخ الدكتور المهندس أن ذلك المعلم للغة الإنجليزية كان شديدا صارما و لا يسمح بالتحدث بغير اللغة الإنجليزية أثناء الحصة …. أعتقد أن هذا كان جانبا تربويا ولا يستحق أن يذم عليه و هذا مدح و تقدير و اعتراف بكفاءة من جانب الشيخ الدكتور المهندس لمعلمه سواء كان الشيخ الأستاذ نصر أم شخصا آخر فحصة اللغة الإنجليزية خصصت للغة الإنجليزية فقط و ليس للغة أخرى.
3. يذكر الشيخ الدكتور المهندس أن أسلوب معاقبة الأستاذ نصر لتلاميذه كان مستهجنا من قبل التلاميذ و أولياء أمورهم … الرسالة المرفقة تؤكد حزن فريق التدريس لمغادرة الأستاذ نصر و تأسفهم على فراقه و خسارة الكادر التعليمي كمربي فاضل مثله و التي تلاها أحد زملاء الأستاذ نصر أمام الطلاب نيابة عن مدير المدرسة الأستاذ أحمد كما هو مذكور في الرسالة المرفقة. كما أود أن أشير هنا أن طلبة الأستاذ نصر في المدرسة السعيدية في مسقط و هي المدرسة التي درس و عمل بها الأستاذ نصر يشيدون به كمعلم فاضل له مآثره و أفضاله عليهم و كذلك من عرفوه و تعاملوا معه في الشارقة.
4. يذكر الشيخ الدكتور المهندس أن الأستاذ نصر أجرى إمتحان تقدير مستوى اللغة الإنجليزية للطلاب و أنه الطالب الوحيد الذي استطاع اجتياز الامتحان بدليل أن الأستاذ اصطحبه إلى الصف و المستوى الأعلى. هذه خطوة جيدة محسوبة تستحق التقدير والامتنان من الشيخ الدكتور المهندس لأستاذه.
5. يذكر الشيخ الدكتور المهندس أن الطلبة كانوا يتقاسمون كتاب اللغة الإنجليزية إلى نصفين … أي يتم تمزيق الكتاب إلى نصفين و يتقاسمه طالبان نصف في شمال مدينة الشارقة و نصف الكتاب الآخر في جنوبها … هذا كان دليلا على قلة حال حكومة الشارقة قبل أن تقوم دولة الكويت و مصر و دولة قطر بتمويل الخدمات الصحية و التعليمية في إمارات ساحل عمان (عدا أبوظبي) … فما ذنب الأستاذ يا أيها الشيخ الدكتور المهندس؟! … و لماذا يقوم الطلاب بالاستهزاء على المدرس و التقليل من شأنه فالذنب ذنب حكومة الشارقة التي تحكمها أسرة القواسم و هذا دليل على قلة احترام الطلاب لمعلميهم و سوء تربيتهم.
6. يبدو من سرد حديثك أن العديد من الطلبة تميزوا بالمشاغبة – و قلة الأدب إذا صح التعبير – و منهم من استلم حقائب وزارية و مناصب كبرى قيادية في دولة الإمارات العربية المتحدة فيما بعد ، فكان لزاما على المدرس أو المدرسين معاقبتهم عقابا صارما بمثل فعلتهم … إلا تتفق معي في ذلك ، كما أن أسلوب المعاقبة – أيام زمان – يختلف عن أساليب اليوم أليس كذلك … أذكر أن مدرسينا في مدرسة القاسمية في فترة الستينات كانوا يعاقبون الطلبة بالضرب المبرح و الوقوف تحت الشمس الحارقة و تنظيف فناء المدرسة الترابي … هنا يتساءل المرء لماذا لم تذكر عقاب بقية المدرسين ؟ … و لماذا ركزت على الأستاذ نصر – إن صح كلامك – ؟
7. ذكرت أن الأستاذ نصر عاقب شقيق الحاكم آنذاك الشيخ صقر بن سلطان القاسمي و يدعى سعود بن سلطان القاسمي …. وهذه صفة حسنة تحسب للأستاذ نصر كونه لم يأخذ اعتبارا لشقيق الحاكم و لم يخاف سطوة الحاكم و نفوذه فعامل ابن عمكم الشيخ سعود معاملة طالب مشاكس مشاغب استحق عليها العقاب ، و لكنك ذكرت أيها الشيخ الدكتور المهندس نتيجة لتلك الحادثة و عندما علم الحاكم الشيخ صقر بالأمر أنه أمر بالاستغناء عن خدمات الأستاذ نصر و إبعاده عن الشارقة … هنا وجب علي التوقف و القول أن تلك مغالطة كبيرة جدا … فالمرحوم الشيخ الأستاذ نصر بقي متواصلا مع الشارقة حتى آخر لحظات عمره القصير و أنه بقى يتردد على الشارقة بشكل دائم أثناء عمله في دبي و أبوظبي و حتى حين عاد إلى مسقط رأسه مدينة مسقط في الربع الأخير من عام 1970 ، كما أن آخر مقال كتبه في عموده الافتتاحي في جريدة الوطن عنونه بـ “”أين صوت الشعب في إتحاد إمارات الخليج” الذي يدل على تواصله و اهتمامه و حبه لإمارات الساحل العماني. كذلك أود أن أشير هنا أن العلاقة بين الأستاذ نصر و أشقائه عبدالله و سعيد – رحمهم الله جميعا – مع الشارقة بقيت و لاتزال و التواصل معها و عوائلها لا يزال قائما مع إبنائهم ، و أن علاقة الأديب الشيخ الأستاذ عبدالله بن محمد الطائي مع صديقه الشاعر الشيخ صقر بن سلطان القاسمي بقيت متينة رغم ما حاكه أعداؤهما من دسائس … و قد خلد الأديب الطائي رحمه الله هذه الصداقة في قصيدة رائعة سماها “من مراحل الطريق” و نشرها في ديوان شعره الشهير “الفجر الزاحف”.
8. إن سيرة الأخوة الثلاثة عبدالله و سعيد و نصر أثناء فترة إقامتهم و عملهم في إمارات ساحل عمان أو ما عرف فيما بعد بدولة الإمارات العربية المتحدة لهي مدعاة فخر لنا نحن – أبناءهم و أحفادهم – و صيتهم الحسن و سمعتهم العطرة هي نبراس لنا يقودنا إلى مزيد من الحب و الولاء لوطننا “عمان” بجميع تقسيماته السياسية و التاريخية … و ما سيرة الأديب الأستاذ الشيخ عبدالله بن محمد الطائي بخافية على الجميع و علاقاته بحكام و أعضاء المجلس الأعلى لدولة الإمارات العربية المتحدة و خصوصا علاقته الوثيقة مع والد الجميع المغفور له – بإذن الله – الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيب الله ذكراه ، فقد كان الأخوة جميعهم مثالا للخلق الطيب و الذكر النبيل أينما حلوا في بلدان الخليج العربي.
خلاصة القول: أن هنالك بعض المعلومات غير الصحيحة وغير الدقيقة بخصوص المرحوم الشيخ الأستاذ و الإعلامي الرائد نصر بن محمد الطائي أحد رواد التعليم في سلطنة عمان و دولة الإمارات العربية المتحدة و مؤسس أول صحيفة في سلطنة عمان “صحيفة الوطن” … و لو قدر الله لهذا العلم و الرمز طول العمر لكان اسمه – و الذي هو كذلك – بين أقرانه من رموز و أعلام مثقفي منطقة عمان و الخليج العربي.
و أن الخلاف الأسري بين “قواسم” الشارقة الناتج عن مقتل المرحوم له – بإذن الله – الشيخ خالد بن محمد القاسمي لا يجب أن يزج معه أشخاص آخرين لا ذنب لهم سوى تواجدهم في تلك الحقبة و علاقتهم الطيبة مع الجميع بغية تحقيق حب الذات و سيرة الذات و تميز الذات بالإساءة إلى ذوات.
مسقط في 4 ربيع الأول 1431 هـ
19 فبراير 2010 م
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق